الأحد، 23 نوفمبر 2014

مناظرة الاستنساخ بين الرفض والقبول - أبوبكر أوبنعيس

←مقدمة:
-لم تحظ قضية علمية - خلال النصف القرن الاخير باهتمام بالغ من قبل المؤسسات العلمية والطبية والسياسية والقانونية والاجتماعية والدينية وفى مختلف انحاء العالم بمثل ما حظيت به قضية الاستنساخ وما اثارته من ضجة ما زال صداها مسموعا من خلا لمختلف وسائل الاعلام وما اثارتة من تسالات حول مصير الانسان ومستقبل البشرية.
فقد تطورت
 الهندسة الوراثية تطورا مخيفا فقد ياتى يوم لا يبدو انه بعيدا نرى امامنا انسان ولد من غير اب ولم يحدث هذا فى التاريخ سوى مرتين .. ابونا آدم عليه السلام خلقه الله من الطين وصوره فى ابدع صوره ثم نفخ فيه من روحه ليصبح اول انسان بلا اب ولا ام وكذلك المسيح بن مريم ولاته امه العزاء البتول من غير اب وعلى غير مثال سبق فهل تتكرار هاتان المعجزيتان الالهيتان باذن الله مرة اخرى على يد الانسان وفى نقل الاعضاء وانه تقد معلمى مذهل قد يفيد فى علاج امراض الانسان وفى نقل الاعضاء
فموضوع الاستنساخ و التعديل الوراثي عدة إشكاليات دلت طبيعة فقهية و حقوقية و صحية و بيئية ينتج عنها تعدد في المواقف بين الرفض و القبول.فما هو الاستنساخ و التعديل الوراثي؟و ما مجالات تطبيقهما الحالية و المستقبلية؟وما حكم الإسلام منهما؟

- ماهو الإستنساخ ؟
- الإستنساخ هو إيجاد نسخه طبق الأصل عن شئ ما من الكائنات الحيه نباتا أو حيوانا أو إنسانا .الإستنساخ الإنسانى هو إيجاد نسخه طبق الأصل عن الإنسان نفسه ويتم بأخذ خليه جسديه من جسم ذلك الإنسان ثم أخذ نواه هذه الخليه وزرعها فى بويضه امرأه بعد إفراغ هذه البويضه من نواتها بعمليه تشبه التلقيح أو الإخصاب الصناعى يتم بموجبها إدخال نواه الخليه التى أخذت من جسد ذلك الشخص داخل البويضه المأخوذه من المرأه بواسطه مواد كيماويه خاصه وتيار كهربائى معين لكى يتم دمج نواه الخليه مع البويضه وبعد إتمام عمليه الدمج تنقل البويضه التى دمجت بنواه الخليه إلى رحم إمرأه لتأخذ بالتكاثر والنمو والإنقسام والتحول إلى جنين كامل ثم يولد ولاده طبيعيه فيكون نسخه طبق الأصل عن الشخص الذى أخذت منه الخليه التى زرعت نواتها فى بويضه المرأه .
-ما هي مخاطر الاستنساخ البشري ؟
إذا قدر للاستنساخ البشري أن يظهر للوجود ، وهو أمر محتمل جدا ، وربما في وقت قريب ، فإن ذلك سيترافق بمشاكل عديدة اجتماعية وإنسانية ونفسية . فسيكون هناك اضطراب في الأنساب ، وما يتبعه من اضطراب في المجتمع ، وقد يضطرب أعداد الذكور أو الإناث ، فتخيلوا مثلا أن المستنسخين كلهم كانوا جميعا من الذكور ، فماذا سيحدث ؟ ولن يكون هناك مفهوم الفرد بذاته ، بل ستميع ذاتية الفرد ، وتختل المواريث ، ويتزلزل كيان الأسرة . وقد يلجأ في الاستنساخ إلى طرق إجرامية كاستنساخ شخص بدون إذنه ، أو بيع أجنة مستنسخة ، أو الحصول على نسخ متماثلة من أشد المجرمين عنوة ووحشية ، أو اختيار سلالة متميزة تعتبر هي الجنس الأرقى ، وسلالة أخرى من العبيد ، وهكذا ..
1-الموقف الشرعي من الاستنساخ البشري :
لما كثرت التساؤلات عن حكم الشرع في الاستنساخ البشري ، ولما كان من الصعب جدا على فقيه واحد أن يدلي برأيه في مسألة مستحدثة ومعقدة كالاستنساخ ، فقد دعت المنظمة الإسلامية للعلوم الطبية إلى عقد ندوة تضم فريقا من الفقهاء الأجلاء ، والأطباء المتخصصين لدراسة أمر الاستنساخ البشري .
وقد عقدت الندوة في الدار البيضاء
 في المملكة المغربية ما بين 14 - 17 يونيو ( حزيران ) 1997 ، ودرست الموضوع دراسة جدية وعميقة ، وصدر في ختامها التوصيات التالية :
" أولا : تجريم كل
 الحالات التي يقحم فيها طرف ثالث على العلاقة الزوجية سواء أكان رحما أم بويضة أم حيوانا منويا أم خلية جسدية للاستنساخ .
ثانيا : منع
 الاستنساخ البشري العادي ، فإن ظهرت مستقبلا حالات استثنائية عرضت لبيان حكمها الشرعي من جهة الجواز .
ثالثا : مناشدة الحكومات من
 التشريعات القانونية اللازمة لغلق الأبواب المباشرة وغير المباشرة أمام الجهات الأجنبية والمؤسسات البحثية والخبراء الأجانب للحيلولة دون اتخاذ البلاد الإسلامية ميدانا لتجارب الاستنساخ البشري والترويج لها .
رابعا : متابعة المنظمة الإسلامية للعلوم الطبية وغيرها لموضوع الاستنساخ
 ومستجداته العلمية وضبط مصطلحاته ، وعقد الندوات واللقاءات اللازمة لبيان الأحكام الشرعية المتعلقة به .
خامسا : الدعوة إلى تشكيل لجان متخصصة في
 مجال الأخلاقيات الحياتية لاعتماد بروتوكولات الأبحاث في الدول الإسلامية إعداد وثيقة عن حقوق الجنين .
2-حكم الدين:
وقد أثار موضوع احتمالات استنساخ البشر ردود فعل واسع حول حكم الدين فى مثل هذا الاسلوب العلمى والطبى لانتاج الامثله :
يقول الدكتور/نصر فريد واصل مفتى
 الجمهورية: ان الاجماع قائم على ان الاستنساخ البشرى غير جائز من الناحية العلمية والطبية والانسانية ، بل ومن الناحيه الاخلاقية والاجتماعية واكد ان الاسلام مع العلم الذى يخدم البشرية ، وقد كرم الله تعالى العلم والعلماء وجعل العلماء الذين البشرية فى مرتبه الملائكه ، فلعلم خلق لمصلحه البشرية وللأنسان لأن الله سبحانه وتعالى اراد للأنسان ان يكون مستخلف فى هذه الارض. وقال فضيلة المفتى: ان العلم يجب ان يقوم على امور ثلاثة ، هى: الايمان والاخلاق وخدمة البشرية ، وان يحافظ على الدين والنفس والنسل والعقل والمال لان الاختلال فى احد من هذه الضروريات فساد للبشرية التى خلقها الله تعالى. واكد ان الاستنساخ البشرى غير جائز شرعا ولكن يمكن ان يتوجه هذا العلم الى استنساخ ادى اعضاء الجسم مثل الكبد والكلى لحاجة بعض الافراد اليها وإنقاذ حياتهم من الهلاك؟ أما إستنساخ الانسان الكامل فهذا مخالف للشرع ولسنا فى حاجة اليه. ويقول د. عبدالمعطى بيومى - أستاذ العقيده بكلية اصول الدين بجامعة الازهر الشريف ان القاعده الشرعية تقول : ان مازاد ضرره على نفعه فهو حرام وقد تأكدت الان اضرار الهندسة الوراثية أكثر من نفعها وكذلا الاستنساخ ، وأضاف أن السنن الكونيه التى لفت الله تعالى النظر اليها تقتضى وجود قوانين عامه ثابتة كالصحة والمرض والمسئولية والجزاء والحرية وإنعدامها . وواضح ان العلم المجرد من الدين والمعوزل عنه إذا تركناه يمضى فى ذلك العبث المجنون المنفلت من معايره الدين سيعرض الأنسانية لكثير من الاخطاء والاخطار والضلال.. ومن هنا فإننى اطالب بضرورة وقف هذه الابحاث لانها ستؤدى الى محظورات شرعية وعقائدية وأخلاقية أكثر مما تفيد الانسانية.
- حكم الإستنساخ من الناحيةالشرعية في غير الإنسان :
الإستنساخ من النّاحية العلميّة النظريّة و التطبيقيّة لا نجد له معارضا شرعيّا في أيّ نصّ من نصوص الشريعة الإسلاميّة ما دام ذلك يتعلّق بمصلحة الإنسان ذاته أو بمصلحة غيره ، و بما يحقّق المصلحة العامّة و الخاصّة لكلّ البشر ، و بما لا يغيّر من خلق الله سبحانه و تعالى في منهج سير الحياة طبقا للنواميس الطبيعيّة التي أرادها الله سبحانه لتحقيق الخير للبشرية جمعاء..
و لاستمرار الخلافة البشرية في عمارة هذا الكون إلى أن يشاء الله ؛ و ذلك لأنّ كلّ ما في هذا الكون المخلوق إنّما هو مسخّر لخدمة الإنسان.
وقد خلقه الله تعالى لهذا الغرض ، و يدلّ على ذلك قول الله تبارك و تعالى : ﴿ و سخّر لكم ما في السماوات و ما في الأرض جميعا منه ﴾الجاثية: 13.
و آيات كثيرة تتحدث عن تسخير هذا الكون للإنسان .
و ما دام الإنسان يعمل فيما استُخلف فيه في حدود هذا الاستخلاف الشرعيّ ، و يتصرّف فيما ملك فيه في حدود هذا الإذن الذي ورد في قوله تعالى : 
﴿هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعا منه ﴾سورة البقرة : 29.
فإنّ عمله مشروع و تصرّفه صحيح بشرط أن يحافظ على الأمانة التي كُلّف بحملها .
و على ذلك ، فلا قيد على حريّة العلماء و الباحثين في مجال الهندسة الوراثية و الاستنساخ في النبات و الحيوان بما فيه مصلحة البشرية ، و بما لا يؤثر بالسلب على التوازن المنشود الذي خلقه الله تعالى ، و أراد للحياة به أن تستقيم بمنهج سليم ليحيا عليها ، و يعيش كلّ خلق الله أجمعين و برحمته و عطفه آمنين.
و في جميع الأحوال لا بدّ أن تُراعى قواعد الرأفة و الرحمة بالحيوان ، و قواعد الحكمة في هذه التجارِب لصالح البشريّة .
الاستنساخ البشريّ وأحكامه الطبيّة و العمليّة في الشريعة الإسلاميّة : د. نصر فريد..ص 8-10.
لقد خلق الله تعالى الانسان في أحسن تقويم، و كرّمه غاية التكريم ..زيّنه بالعقل ، و شرّفه بالتكليف ، و جعله خليفة في الأرض ..
علّمه ما لم يكن يعلم ، و أمره بالبحث و النظر ..
و الإسلام لا يضع قيدا على البحث العلمي ..و لكنّ الإسلام كذلك لا يترك الباب مفتوحا بدون ضوابط أمام دخول تطبيقات نتائج البحث العلمي على الساحة العامة بغير أن تمرّ على مصفاة الشريعة : فتمرّر المباح ، و تحجز الحرام.

فلا يسمح بتطبيق شيء لمجرد أنه قابل للتنفيذ : بل لا بد أن يكون علما نافعا جالبا لمصالح العباد ، دارئا لمفاسدهم ، و لا بد أن يحفظ هذا العلم كرامة الإنسان ، و مكانته و الغاية التي خلقه الله من أجلها ..فلا يُتَّخذ مجالا للتجريب ، و لا يعتدي على ذاتية الفرد و تميّزه.
- الأراء المختلفة في عملية الاستنساخ :
اولا: رأي الحكومات الرسمي :
-  اصدر الرئيس الامريكى السابق بل كلينتون قرارا بمنع المؤسسات الفيدرالية الامريكية من تمويل البحوث الخاصة بالاستنساخ البشرى وطالب العلماء بالتوقف طواعية عن اجراء تلك البحوث الى حين تبين الأبعاد الاجتماعية والأخلاقية لها كما طالب اللجنة القومية للقيم الطبية بأجراء دراسة حول المشكلات القانونية والأخلاقية التى تتعلق بذلك . كما أوقفت إنجلترا الأبحاث وأصدرت الأرجنتين قانونا لمنع الاستنساخ وطلب الرئيس الفرنسى اتخاذ الاجراءات التى تضمن عدم إساءة استخدام التطور البيولوجى وتطبيقه على الانسان.
ثانيا: الرأي العام :
- يرى البعض ان الاستنساخ رجوع بالحياة الى البدائية وردة بيولوجية تعود بنا الى تكاثر البكتريا البدائية والاميبا , كما انها تشويه للثراء البيولوجى وانتكاسة الى الإفلاس والتكرار.
- يرى البعض ان الله سبحانه وتعالى لو أراد ان يخلق الناس على هيئة واحدة لفعل ولكنة شاء ان يجعلهم مختلفين وان الامر بالنسبة للإنسان ليس تكاثر فحسب وانما الزواج من آيات الله وسنة من سننه فهو ليس عملية بيولوجية ولكنة مدخل الى السكينة والمودة والرحمة " ومن آياته انه خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا اليها وجعل بينكم مودة ورحمة, ان فى ذلك لآيات لقوم يتفكرون " ( الروم-21).
اجمع الرأي العام على ان الاستنساخ فى الانسان عبث بفكرة التنوع واخلال بتوازن الكون وتكامل الكائنات ومن ثم فهى عدوان على النواميس مشابه لما حدث عندما أخل الانسان عند تدخله فى الطبيعة بالخلل وإحداث عدم توازن بيئى نتيجة تقليعة للغابات واستخدامة للمبيدات واستعماله للبلاستك وفتحة للدوائر الايكولوجية او الحياتية فأنتج مواد ضارة بالبيئة ولا يمكن التخلص منها...
يرى العامة انه لو صح التوالد بالاستنساخ فما هو مصير مؤسسة الزواج وما فائدة التمايز بين الجنسين فالاستنساخ سوف يقضى على قاعدة التفرد وعدم التشابه فعند فقد الانسان لصفة التفرد فلسوف يفقد معها صفته الانسانية وفقد معنى الحياة والموت والحب والرحمة والسعادة والفرح والحزن , يفقد معها الأبوة والبنوة , يفقد معها معنى التضحية من اجل شخص معين ويفقد صداقته لشخص معين والخوف على شخص معين والطموح من اجل شخص معين اذا كان الفاقد موجود او متاح.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق